
وهو بالمناسبة كتاب طرح فيه صاحبه الزواوي بغوره، ما يشبه الخلاصات المركزية لأهم المشاريع الفكرية المعاصرة التي عُنيت بمفهوم الاعتراف؛ بدأه بالحديث عن مشروع بول ريكور في الجزء المخصص بمعنى الاعتراف وعلاقة العدل بالذاكرة، وألحقه بدراسة لموقف تشارلز تايلور في ما يتعلق بعلاقة الاعتراف والتعددية الثقافية، وأتبعهما بنظرية الاعتراف بما هي عدل عند نانسي فرايز، وأنهى هذا المجهود بدراسة الأسس الفلسفية العامة للاعتراف عند أكسيل هونيت، مع الإشارة إلى الخلاصات المركزية والملاحظات النقدية الخاصة بمجمل هذه المشاريع؛ ما يعني أنه كتاب يصلح كمقدمة عامة للنظر في مفهوم الاعتراف في خطوطه المركزية.
وعموما فإن المجال العمومي العربي يختلف عن الفضاء العمومي الغربي في هذا الشأن بمستويين:
وأصبح الفضاء العمومي الاتصالي المميز للمجتمع الجماهيري فضاء منتجا ومروجا لثقافة مدمرة للقيم والمنفعة العامة لتواجده بين أيدي من يسعون لتحقيق المنفعة الخاصة، هؤلاء احتكروا وسيطروا على «الفضاء العمومي الاتصالي» بتقديم محتويات إعلامية تجارية بالدرجة الأولى، وهي بمثابة امتدادا للأبحاث التي كانت تنصب على فضح هيمنة البرجوازية على الإعلام ومحتوياته.
..) توسع المجال العمومي لأنها تتيح فضاءات جديدة للنخب البديلة، كما تعزز المشاركة في الحياة السياسية عبر أدوات جديدة، لذا فهي تساهم في تأسيس الديمقراطية التداولية.
وترى توفكسي وويلسون أن مواقع التواصل الاجتماعي تقدم للناس قناة مدنية وتشاركية بهدف جمع وتقاسم المعلومات وبناء التحالفات وتوصيل الانشغالات وتنظيم أنفسهم عبر الإنترنت مما يمكنهم من إحداث التغير المنشود، وعليه أصبح من الممكن القيام بالعديد من الأنشطة المدنية الموصولة بالإنترنت انطلاقا من كون المشاركة المدنية تعتبر كوسيلة لإحداث التغيير في المجتمع عبر آليات سياسية وغير سياسية.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن تحديد ملاءمة نظرية دوامة الصمت للفضاء الافتراضي يتطلب مزيدًا من التحقيق والدراسات التطبيقية التي تعتمد على عينة ميدانية للكشف عن السلوك التعبيري، ومدى الانسحاب عن إبداء الرأي، ودرجة الخوف من العزلة.
لكن الذي حدث في الواقع هو انتقال هذا الفضاء إلى مستوى أعم وأشمل، مدعوما بالتطور التقني والثورة الرقمية التي يعيشها العالم الحالي، والتي خلقت فرصا جديدة لتوسيع مجالات المعرفة وتبادل المعلومات. فبعد أن كانت الأجندات تصنع المحتويات الإعلامية كما هو الشأن في الاعلام التقليدي بوصفه رأيا عاما، أصبحت الأصالة الفردية هي أساس صناعة هذا الرأي الجمعي، بنوع من المساواة المطلقة والمُخلة أحيانا، لبلوغ حد القدرة على إبداء الآراء بحرية أكبر وضمن مجال أوسع دون الحاجة إلى ما كان يجري تسميته بـ"الفضاء" في دلالته المباشرة الدالة على المكان.
فضاء عمومي اتصالي حامل لانشغالات واحتياجات الجمهور في جميع ميادين الحياة الاجتماعية.
ويعتقد كوليمان وبلوملر أن عدم نجاح الفضاءات العمومية الافتراضية يرجع للقصور في النموذج الهابرماسي الذي يتعارض مع الثقافة السياسية والاجتماعية المعاصرة في العديد من المجتمعات ولا يعود إلى التقنيات في حد ذاتها.
الفضاء العمومي، الديمقراطية، حرية التعبير، حرية الصحافة، الرأي العام
هناك اجماع بين الباحثين مثل باربر وبيتمان وفيربا الامارات وشلازمان وبرادي الامارات حول أن المشاركة المدنية والسياسية هي أحد الأركان الأساسية لعمل الديمقراطية بشكل جيد، وفي نفس الوقت تؤكد العديد من الدراسات على أن المشاركة المدنية والسياسية بشكلها التقليدي (البرلماني) آخذت بالانخفاض في المجتمعات الديمقراطية، بينما يؤكد آخرون على تغير طبيعة المشاركة المدنية والسياسية في حد ذاتها وبرزت أشكالا جديدة من المشاركة مثل تسييس الحياة المعيشة، الاستهلاك السياسي، والنضال عبر الإنترنت وغيرها من الأشكال الأخرى.
نخب جديدة :يمثل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي والمدونون رمزها الأكثر دلالة، فقد تشكلت في الفضاءات الالكترونية نخب هجينة تتكون من المدونين وأصحاب الحسابات في الفايسبوك ومنتديات النقاش أو من فنانين ينشطون على الشبكة وجدوا فيها وسيلة لتوزيع إبداعاتهم، لكن المستخدمين المنتجين للمضامين الإعلامية ليسوا كلهم أفراد مغمورين ينشطون خارج النظام المؤسسي والإعلامي، فقد برز من بين المدونين على سبيل المثال من تحولوا إلى نجوم تحتفي بهم المؤسسات التقليدية السياسية والإعلامية وتعمل على استقطابهم، وفي نفس السياق فإن الفايسبوك ليس دائما فضاء المغامرين لأن النخب التقليدية بدورها تعمل على اكتساحه على غرار السياسيين الذين يستخدمونه لنشر أفكارهم وتوجهاتهم وحشد المؤيدين على غرار الشخصيات السياسية.
ويرى رينس وجولدي ووالكير أن المشاركة المدنية تعد أحد مجالات النشاط التي أدت إلى انتقال الناس إلى عالم الإنترنت مع تطوير أشكال عدة من المشاركة وتحقيق درجات متفاوتة من النجاح.
ومن باب الإشارة يعد هذا العمل في غاية الأهمية من أجل الوقوف على أهم الأسئلة الكبرى التي تطرحها الفلسفة السياسية ضمن موضوعاتها وإشكالاتها ومفاهيمها الأساسية، من قبيل الليبرالية، التعددية، الاعتراف، الديمقراطية، الدولة، الأمة، العلمانية، التسامح، التضامن، المساواة، الأقليات، الهجرة، المواطنة، الاختلاف، الحق، الإنصاف، العدالة، النيوليبرالية، الرعاية الإلهية، السلطة، الجمهورية، الاشتراكية؛ وهو في غاية لأهمية ليس في مسألة طرقه لكل هذه الموضوعات، بل في قدرته الكبيرة على الوصول إلى المفارقات المركزية التي تطرحها الفلسفة السياسية بشكل خاص، والحداثة بشكل عام.
في حين يقوم الفعل التواصلي على الاتفاق والتفاهم المؤسس بشكل عقلاني داخل فضاء عمومي.